سلسة أبنية تراثية بغدادية
د. صلاح عبد الرزاق
رحلة سلمان من الشرك إلى التوحيد تجسّد قصة الإيمان الذي جاءت به الرسالات السماوية. ترك دين آبائه وأجداده باحثاً عن النور الايماني فوجده عند ضفاف الإسلام فركب سفينة الرسول الأعظم محمد صلى الله عليه وآله وسلم. التحق بالدولة الإسلامية الوليدة في المدينة المنورة فكان صحابياً جليلاً ومجاهداً مؤمناً مدافعاً عن الرسالة المحمدية حتى لقي ربه على أرض المدائن التي كانت طيسفون عاصمة أجداده الساسانيين. واحتضن العراق قبره الذي تحول إلى مزار إسلامي منذ ١٥ قرناً.
رحلة الايمان
ولد سلمان واسمه روزبه بن خشنودان في أصفهان لأسرة تعتنق الديانة المجوسية ، وقيل كان سادن النار يسهر على إدامتها مشتعلة ليلاً ونهاراً. وكان والده دهقاناً لديه أراضي وأطيان، وكان يحب سلمان كثيراً. في أحد المرات مر على كنيسة للنصارى وهم يصلون فمال إليهم وأعجبه إيمانهم والتزامهم بالعبادة. مكث النهار عندهم وسألهم كيف يمكنه الوصول لهذا الدين ، فأجابوه في بلاد الشام. عاد إلى والده فسأله عن سبب تأخيره فقص عليه قصة مروره بالكنيسة وإعجابه بديانته ، فرفض وقال له: يا بني دينك ودين آبائك خير من دينهم، فقال سلمان: لا والله . خاف والده عليه وقام بتقييده كيلا يلتحق بالنصارى. أرسل سلمان خبراً إلى الكنيسة بأنه يريد السفر إلى الشام ، فساعدوه وسافر معهم. في الشام التقى بأسقف وأخبره أن يصاحبه ويعلمّه لقاء خدمته والصلاة معه.
أثناء مكوثه في الشام حدث أن كان الاسقف رجل سوء ، حيث كان يستلم الصدقات ويمسكها لنفسه حتى جمع قناطير من الذهب والفضة. ولما توفي أخبرهم سلمان بقصته وخزنه للصدقات، فلم يصدقوا حتى دلّهم على الأموال ، فأخذوا جثته وصلبوه ورجموه . ثم اختاروا مكانه رجلاً فاضلاً في دينه وزهده وصلاحه. أحب سلمان الاسقف الجديد وصاحبه ردحاً من الزمن ، ولما حضرته الوفاة قال له سلمان: أوصني فقال: تذهب إلى الموصل فإن فيها رجلاً صالحاً. ذهب سلمان إلى الموصل فلما حضرته الوفاة أوصى سلمان بالذهاب إلى مدينة نصيبين ، فسافر إليه فوجده في صومعة يتعبد فيه. فصاحبه سلمان ، فلما حضرته الوفاة وقال له : لا أعرف إلا رجلاً بمدينة عمورية من أرض الروم. ذهب سلمان إلى عمورية ومكث مع الرجل الصالح الذي أكرمه وأعطاه بقرات وأغنام. ولما حضرته الوفاة قال لسلمان: قد ترك الناس دينهم ، ولا أعلم أحداً اليوم على مثل ما كنا عليه ، ولكن قد أظلك نبي يُبعث بدين إبراهيم الحنيفية مهاجره بأرض بين جرتين ذات نخل ، وبه آيات وعلامات لا تخفى. فقال سلمان: فما علامته؟ قال: بين منكبيه خاتم النبوة ، يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة. فأن استطعت فتخلص إليه.
ثم توفي الرجل وغادر سلمان عمورية متوجهاً مع قافلة نحو بلاد العرب. فقال لأصحاب القافلة: أصحبكم وأعطيكم بقراتي وغنمي على أن تحملوني إلى بلادكم. رافق سلمان القافلة حتى وصلوا إلى وادي القرى ، قاموا ببيعه إلى رجل يهودي، فصار عبداً له ، يعمل له في نخله وزرعه. انتبه سلمان إلى وجود النخل فعلم أنه البلد الذي وصفه له الرجل المسيحي الصالح. بقي سلمان ردحاً من الزمن مع اليهودي حتى جاء يوماً رجل من بني قريظة فاشتراه منه وأخذه معه إلى المدينة ، فعرفها سلمان واطمأن قلبه. بقي يخدم اليهودي ويعمل في بستانه في المدينة ولم يكن يعلم أن الله قد بعث محمداً (ص) رسولاِ. ثم اصطحبه اليهودي إلى المدينة فسمع بعض الأشخاص يتحدثون عن نبي بُعث في مكة. عندها ارتعد سلمان وكاد يسقط وهو يسمع بخبر النبي المبعوث. فسأل اليهودي عن خبر النبي ، فضربه وقال له: ما شأنك وهذا؟ في المساء قرر سلمان مغادرة اليهودي ، وكان معه شيء من التمر ، فوصل إلى النبي (ص) وهو جالس بين أصحابه فقلت له: لدي ما أتصدق به من التمر ، وطلب من النبي (ع) توزيعه على ذوي الحاجة . امتنع النبي عن تناول التمر ودعا أصحابه لتناوله. فقال سلمان في نفسه: هذه واحدة من العلامات. ثم مكث قليلاِ في المدينة واشترى طعاماً وذهب به إلى النبي (ع) وقال له: أحببت كرامتك ، وإني رأيتك لا تأكل الصدقة ، فأهديت لك هدية وليست بصدقة، فمد الرسول (ص) يده فأكل وأكل أصحابه. فقال سلمان في نفسه: وهذه الثانية من العلامات، ثم رجع ، ثم جاءه وقد تبع جنازة إلى بقيع الغرقد وحوله أصحابه ، فسلم وتحوّل يتطلع لرؤية الخاتم على ظهره، فعلم النبي (ع) ما يريد سلمان ، فألقى رداءه حتى رأى الخاتم ، وقبله وبكى ، فأجلسه النبي (ص) أمامه ثم حدثه برحلته الطويلة. (١)
أصبح سلمان الفارسي من كبار الصحابة ، ومن المقربين للرسول (ص) وذلك لحكمته وعلو همته ورشده وايمانه العميق بالإسلام وبالنبي (ص) . وصفه شمس الذهبي بالقول : كان لبيباً حازماً من عقلاء الرجال وعبّادهم ونبلائهم. وكان يروي أحاديث النبي (ص) ، فقد نقل عنه ستون حديثاً وروى عنه ابن عباس وأنس بن مالك وغيرهم. (٢)
وفي أحد مجالس الصحابة قالوا لسلمان: انتسب يا سلمان ، قال: ما أعرف لي أباً في الاسلام ، ولكني سلمان ابن الإسلام.
وقال رسول الله : سلمان منا أهل البيت ، وقال فيه أبو فراس الحمداني:
كانت مودة سلمان لهم رحماً*** ولم يكن بين نوح وابنه رحم
وصفه صاحب أعيان الشيعة بقوله: سلمان الفارسي أبو عبد الله كان خيراً فاضلاً حبرا عالماً زاهداً متقشفاً . يقال أنه مولى رسول الله (ص) ، ويُعرف بسلمان الخير. (٣)
ويورد المؤرخون والمفسرون تفسير بعض الآيات وأنها يُقصد بها سلمان الفارسي مثل:
-قوله تعالى (ومن عنده علم الكتاب) قال الطبري آنها نزلت في سلمان (تفسير الطبري ، ج ١٣ ، ص ١٧٧)
-قوله تعالى (وآخرين منهم لما يلحقوا بهم) قلنا: من هم يا رسول الله؟ وكان سلمان يجلس بجانب النبي (ص) فوضع يده على سلمان وقال: لو كان الايمان عند الثريا ، لناله رجال من هؤلاء . أخرجه مسلم رقم الحديث (٢٥٤٦) ، والترمذي (٣٣٠٧). (٤)
وعن أمير المؤمنين علي (ع) قال: سلمان تابعَ العلمَ الأول والعلم الآخر ، ولا يُدرك ما عنده. (٥)
ونقل عن الأصبغ بن نباتة قال: سألت أمير المؤمنين (ع) عن سلمان الفارسي رضوان الله عليه ، قلت: ما تقول فيه؟ فأجاب: ما أقول في رجل خُلق من طينتنا ، وروحه مقرونة بروحنا ، خصّه الله من العلوم بأولها وآخرها وظاهرها وباطنها ، وسرها وعلانيتها. ولقد حضرت رسول الله (ص) وسلمان بين يديه ، فدخل أعرابي ونحّاه عن مكانه وجلس فيه ، فغضب رسول الله (ص) حتى در العِرْق بين عينيه واحمرتا عيناه ، ثم قال: يا أعرابي أتنحي رجلاً يحبه الله تعالى في السماء ويحبه رسول الله في الأرض؟ (٦)
سيرته
وصل سلمان إلى المدينة قبل مدة وجيزة من حرب الأحزاب . وقيل أنه تصادف وصوله مع وصول الرسول (ص) إلى قبا حيث كان ينتظر وصول علي بن أبي طالب وفاطمة الزهراء معه قادمين من مكة عند الهجرة النبوية. .
في السنة الخامسة للهجرة ، اقترح سلمان حفر خندق حول المدينة ، وكان هذا أسلوباً جديداً على العرب الذين اعتادوا القتال في الصحراء المفتوحة ، ولم تكن تعرف الخندق. وحضر سلمان جميع المشاهد والأحداث والمعارك مع الرسول (ص).
وفي يوم المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار آخى الرسول (ص) بين سلمان وبين أبي الدرداء. بعد ذلك تفرقا فقد سكن سلمان العراق وسكن أبو الدرداء الشام وبقيا يتراسلان.
ذهب سلمان إلى عمر بن الخطاب ليخطب ابنته ، فرده عمر ثم ندم ، فعاد إليه فقال: انما أردت أن أعلم ذهبت حمية الجاهلية عن قلبك أم هي كما هي. (٧)
تزوج سلمان بعد الإسلام من امرأتين الأولى من قبيلة كندة والثانية من الموالي. وأعقب ثلاثة أولاد: عبد الله ومحمد وكثير ، وثلاث بنات.
وكان الصحابة يروون حديث الني (ص) أنه قال: أمرني ربي بحب أربعة ، وأخبرني أنه سبحانه يحبهم: علي وأبو ذر والمقداد وسلمان. وقوله (ص): إن الجنة تشتاق إلى ثلاثة علي وعمار وسلمان.
وبعد وفاة النبي (ص) سمع بما جرى في السقيفة والجدال بين الأنصار والمهاجرين فقال بالفارسية: كرديد ونكرديد وندانيد چي كرديد. ومعناه فعلتم وما فعلتم وما تدركون ماذا فعلتم. يقول ابن أبي الحديد (في شرح نهج البلاغة ج ٤ ، ص ٢٢٥) أنه يعني استخلفتم خليفة وعدلتم عن أهل البيت. إن سلمان من الشيعة المخلصين ، وكون هذا الخطاب لمن يراهم آخّروا علياً عن مقامه ودفعوه عن حقه في يوم الغدير.
ونقل الشريف الرضي في كتابه (نهج البلاغة) كتاب لعلي (ع) إلى سلمان الفارسي قبل أيام خلافته جاء فيه:
(أما بعد فإنما مثل الدنيا مثل الحية لين مسها قاتل سمها ، فأعرض عما يعجبك فيها لقلة ما يصحبك منها ، وضع عنك همومها لما يقنت به فراقها وتصرف حالاتها . وكن آنس ما تكون بها أحذر ما تكون منها فإن صاحبها كلما اطمأن فيها إلى سرور أشخصته عنه إلى محذور أو إلى إيناس أزالته عنه إلى إيحاش والسلام).
تم تعيين سلمان والياً على المدائن وبقي في منصبه في خلافة عمر. وكان كارهاً لهذا المنصب فقال له أبو الدرداء: أترفض هذا المجد؟ أا تريد أن تحكم مدائن كسرى عاصمة الفرس؟ إنه لشرف عظيم. ودخل سلمان المدائن وهو يحمل زوجته على بعير ، وعليه ثياب بالية ومعه قرآن ودواة وعصا وابريق. (٨)
وكان سلمان زاهداً متواضعاً في مسكنه وملابسه. ونقل أن أهلها أعطوه متاعاً ليحمله إلى داره. وتوفي في المدائن (عام ٣٦ هـ / ٦٥٧ م ) ودُفن فيها في عهد عثمان بن عفان. وقيل أن عمره قد بلغ (٢٥٠) عاماً وقيل أكثر من ذلك . يقول بذلك أغلب المؤرخين دون الالتفات إلى حالة استثنائية. (٩)
منطقة المدائن
كانت منطقة المدائن مسكونة في عصور التاريخ القديم ويعود العمران فيها إلى ما قبل عهد الأكاسرة ، وقد رجعه المؤرخون إلى العهد الاغريقي ، لأن الحكام اليونان خلفاء الاسكندر المقدوني قد سبقوا الاشكانيين (الفرثيين) إلى اختيار الموضع نفسه لينشئوا فيه قصورهم في مدينة (سلوقية) على الضفة اليمنى من نهر دجلة مقابل أرض المدائن الفارسية. وما تزال آثار هذه المدينة تعرف اليوم باسم (تلول عمران) أو (تل عمر) ، وهي تقع مقابل طاق كسرى الحالي في الجانب الأيمن لنهر دجلة. وقد خربت سلوقية قبل الفتح الإسلامي ، ولهذا لم يذكرها العرب بين المدن المسكونة التي كانت تؤلف منطقة المدائن. (١٠)
وكانت منطقة المدائن تحتل مركزياً عسكرياً واستراتيجيا وتجاريا. فقد كانت تتوسط الطريق التجاري العام بين الشرق والغرب. وقد بنى الفرثيون عاصمتهم طيسفون مقراً لهم ، وأنشأوا فيها الأبنية العامة فازدهرت فيها التجارة ، وكثرت بضائعها ونشاط تجارها.
يقول ياقوت الحموي عن المدائن نقلاً عن الكاتب يزدجرد بن مهبنداد الكسروي قوله في رسالة له عملها في تفضيل بغداد فقال في تضاعيفها (ولقد كنت أفكر كثيراً في نزول كثيراً في نزول الأكاسرة بين أرض الفرات ودجلة فوقفت على أنهم توسطوا مصب الفرات في دجلة. هذا وإن الاسكندر لما سار في الأرض ودانت له الأمم وبنى المدن العظام في المشرق والمغرب رجع إلى المدائن وبنى فيها مدينة وسوّرها وهي إلى هذا الوقت موجودة الأثر وأقام بها راغباً عن بقاع الأرض جميعاً وعن بلاده ووطنه حتى مات. وكان أجل ملوك فارس حزماً ورأياً وأدباً فإنه بنى المدائن وأقام بها هو ومن كان بعده من ملوك بني ساسان إلى أيام عمر بن الخطاب (رض). (١١)
وقد سميت بالمدائن وهو جمع مدينة لأنها كانت مدناً كل واحدة منها إلى جنب الأخرى. فأولها المدينة العتيقة ثم مدينة الاسكندر ، ثم طيسفون واسمها بالفارسية (كوسفون). وقيل هي سبع مدائن ، بين كل مدينة والأخرى مسافة بعيدة أو قريبة وآثارها وأسماؤها باقية وهي أسفانور ، هنبو شابور ، درزبيجان ، بنو نيابان ، كرداباذ ، وتم تعريبها فيما بعد. (١٢)
وقال الخطيب البغدادي: إنما سميت بالمدائن لكثرة ما بنى بها الملوك والأكاسرة ، وأثروا فيها من الآثار. وهي على جانبي دجلة شرقاً وغرباً ، ودجلة تشق بينهما . وتسمى المدينة الشرقية العتيقة ، وفيها القصر الأبيض القديم الذي لا يدري من بناه، وتتصل به المدينة التي كانت الملوك تنزلها ، وفيها الإيوان ويُعرف باسبانير (طاق كسرى). وأما المدينة الغربية فهي بهرسير ، وكان الاسكندر أجّل ملوك الأرض نزلها. وقيل إنه ذو القرنين الذي ذكره القرآن . (١٣)
طاق كسرى
إيوان المدائن (إيوان كسرى أو طاق كسرى) (بالفارسية: ایوان خسرو) كما يعرف محلياً، هو الأثر الباقي من أحد قصور كسرى أنوشروان، يقع جنوب مدينة بغداد في موقع مدينة طيسفون الواقعة في منطقة المدائن التابعة إدارياً إلى محافظة بغداد، وتعرف محلياً ولدى العامة ب (سلمان باك) على اسم الصحابي الشهير سلمان الفارسي المدفون هناك.
هذا الأثر يمثل أكبر قاعة لإيوان كسرى مسقوفة بالأجر على شكل عقد دون استخدام دعامات أو تسليح ما، ويسمى محلياً ولدى العامة بـ (طاق أو طاگ كسرى). آثار الإيوان المغطى لا زال محتفظاً بأبهته وكذلك الحائط المشقوق وتقوم دائرة الآثار في العراق بصيانة البناء والعناية به.
بدأ ببناء إيوان كسرى في عهد كسرى الأول، المعروف بأنوشِروان (الروحِ الخالدة)، بعد الحملة العسكرية على البيزنطيين عام ٥٤٠ م. يتكون الإيوان من جزئين أساسيين: المبنى نفسه والقوس الذي بجانبه. يبلغ ارتفاع القوس ( 37 ) متراً وعرضه ( 26 ) متراً وارتفاعه ( 50 ) متراً، ويعتبر من أعظم الأبنية من نوعه في ذلك العصر. غرفة العرش - التي يتوقع أن تكون تحت أو خلف القوس - كانت تربو على ( 30 ) متر ارتفاع، ( 24 ) متر عرض و( 84 ) متر طولاً. استحوذ المسلمون على إيوان كسرى سنة 637 م وقد حول في ذلك الوقت إلى مسجد.
في عام 1888م دمر السيل ثُلُث المبنى، ولقد جرت عملية إعادة بناء في عقد الثمانينات من القرن العشرين لكنها لم تكتمل وتوقفت أعمال البناء في عام 1991م إبان حرب الخليج، وقامت جامعة شيكاغو ابالتعاون مع الحكومة العراقية الحالية بإعادة بناءه في ما يسمى بمشروع ديالا "Diyala Project".. ولكن لم تكمل الأعمار. وقدمت إيطاليا منحة لإعمار الطاق لكنها بعد فترة توقفت عن العمل.
محاولة هدم الإيوان
ولقد كان في منطقة المدائن إيوانان أحدهما بناه سابور الأول ابن أردشير والذي حكم من عام 240م إلى 271م وذكر ابن الجوزي ان إيوان كسرى بناه سابور الثاني بن هرمز ذو الأكتاف المتوفي في عام 370م. وذكر في مقدمة ابن خلدون ما وقع في هدم إيوان كسرى، لما اعتزم المنصور على بناء بغداد أراد هدمه، وبعث إلى خالد بن يحيى، وهو في مجلسهِ يستشيره في ذلك، فقال: يا أمير المؤمنين لا تفعل واتركهُ ماثلاً يستدل بهِ على عظيم ملك آبائك الذين سلبوا الملك لأهل ذلك الهيكل، فاتهمه في النصيحة، وقال: أخذته النعرة للعجم. والله لأصرعنه. وشرع في هدمهِ وجمع الأيدي عليه، واتخذ لهُ الفؤوس وحماهُ بالنار، وصب عليهِ الخل، حتى إذا أدركه العجز بعد ذلك كله وخاف الفضيحة، بعث إلى خالد بن يحيى يستشيره ثانياً في التجافي عن الهدم، فقال: يا أمير المؤمنين لا تفعل، واستمر على ذلك، لئلا يقال: عجز أمير المؤمنين وملك العرب عن هدم مصنع من مصانع العجم! فعرفها المنصور وأقصر عن هدمه.
وصف إيوان كسرى
كان مقر الملك في فارس يدعى (القصر الأبيض) وفي وسطه (إيوان كسرى) قاعةُ عرش كسرى. وعلى جدرانها رسمت معركة أنطاكية التي دارت بين الفرس والروم. وصف الكثير من الشعراء الفرس إیوان کسری واستلهموا منه. الوصف الأکثر شهرة للخاقاني في القصیدة المسماة بإیوان المدائن. وأیضاً بالعربیة قد وصف البحتري إيوان كسرى في سينيتة المشهورة:
سينية البحتري
فإذا ما رأيت صورة أنطا***كية ارتعت بين رومٍ وفُرس ِ
والمنايا مواثلٌ وأنوشر***وانَ يزجى الصفوف تحت الدِرَفس ِ
وعِراكُ الرجال بين يديه***في خفوتٍ منهم وإغماضُ جَرس ِ
من مشيحٍ يهوى بعامل رمحٍ***ومُليحٍ من السّنان بترس ِ
تصف العين انهم جد احيا***لهم بينهم إشارة خرس
يغتلى فيهم إرتيابىَ حتى***تتقراهمُ يداىَ بلمس ِ ِ
ليس يدرى أصنع إنسٍ لجنٍّ***سكنوه أم صنع جنٍّ لإنس ِ
فكأنى أرى المراتب والقومَ***إذا ما بلغت آخر حِسّى ِ
وكأنى والوفود ضاحين حَسرى*** من وقوفٍ خلف الزحام وخُنس
طاق كسرى في الروايات الإسلامية
هناك أخبار وروايات أنه حيث ولد الرسول (ص) في عام ٥٧٠ م قد حدث صدع في الإيوان ، فعلم ملوك الفرس أن أمراً جلل قد وقع وأمراً خطيراً قد حدث.
وأثناء حفر الخندق في السنة الخامسة للهجرة ظهرت صخرة كبيرة صلدة في مسار الخندق ، للم تتمكن منها معاول الصحابة. فذهبوا إلى رسول الله (ص) فجاء فلما رآها ألقى ثوبه ، وأخذ المِعْوَل وقال (بسم الله) ، ثم ضرب ضربة فكسر ثلثها . وقال (الله أكبر ، أعطيت مفاتيح الشام ، والله إني لأبصر قصورها الحمر) ثم ضرب الثانية فقطع ثلثاً آخر. وقال (الله أكبر ، أعطيت مفاتيح فارس، والله إني لأبصر قصر المدائن الأبيض) ثم ضرب الثالثة وقال (بسم الله ) فقطع بقية الحجر. وقال (الله أكبر ، أعطيت مفاتيح اليمن ، والله إني لأبصر أبواب صنعاء من مكاني هذا الساعة). (١٤)
وعندما أرسل الرسول (ص) كتاباً بيد عبد الله بن حذافة إلى كسرى يدعوه إلى الإسلام ونصه:
(من محمد رسول الله (ص) إلى كسرى عظيم فارس. أسلم تسلم. من شهد شهادتنا ، واستقبل قبلتنا ، وأكل ذبيحتنا ، فله ذمة الله وذمة رسوله).
فلما قرأ كسرى الكتاب قال: عجز صاحبكم أن يكتب إلي إلا في كراع. ثم دعا بالجلَمَين فقطّعه ، ثم دعا بالنار فأحرقه ، ثم ندم. فقال: لابد أن أهدي له هدية . غضب بن حذافة من حرق كتاب الرسول (ص) فتحدث بكلام شديد. قام كسرى وأعطاه شققاً من ديباج وحرير هدية لرسول الله (ص). بلغ عبدالله بن حذافة المدينة وحدّث النبي (ص) بما جرى له مع كسرى فقال الرسول (ص): مزّق كسرى كتابي ليُمزقن الله ملكه كل ممزق. ثم ليهلكن كسرى ثم لا يكون كسرى بعده. وليهلكن قيصر ثم لا يكون قيصر بعده. ولتنفقن كنوزهما في سبيل الله عز وجل). (١٥)
وورد في الأخبار أن علي بن أبي طالب عندما خرج إلى صفين ، مر بخراب المدائن ، فتمثل رجل من أصحابه فقال:
جرت الرياح على محل ديارهم***فكأنما كانوا على ميعاد
وإذا النعيم وكل ما يلهى به***يوماً يصير إلى بلّى ونفاد
فقال علي (ع): لا تقل هكذا ، ولكن قل كما قال الله تعالى عز وجل: (كم تركوا من جنات وعيون ، وزروع ومقام كريم ، ونعمة كانوا فيها فاكهين ، كذلك وأورثناها قوماً آخرين) (الدخان: ٢٥-٢٨ ). إن هؤلاء القوم كانوا وارثين فأصبحوا موروثين ، وإن هؤلاء القوم استحلوا الحُرَم فحلّت بهم النقم.
وكان فتح المدائن في صفر من سنة ست عشرة للهجرة ، وهي السنة الرابعة في خلافة عمر بن الخطاب (رض). وفُتحت على يد سعد بن أبي وقاص. (١٦)
وعندما فتح المسلمون المدائن أحرقوا ستائر الإيوان ثم أخرجوا منه ألف ألف (مليون) مثقال ذهباً ، فبيع المثقال بعشرة دراهم ، فبلغ ذلك عشرة آلاف ألف (عشرة ملايين) درهم .
وعندما قدم الجيش الإسلامي بغنائم بلاد فارس بعد فتح المدائن عاصم الفرس أدخلت الغنائم إلى عمر بن الخطاب. وكان في القوم سراقة بن مالك الذي وعده النبي (ص) يوم الهجرة أنه سيلبس سواري كسرى، فتناول عمر السوارين وألقاهما إليه، فوضعهما سراقة في يديه، لتتحقق بشارة رسول الله (ص) ووعده لسراقة، حيث كان النبي مهاجرًا خارجًا من بلده، فارًا بدينه مطاردًا من قومه، ضعيفًا إلا من إيمانه بالله، وثقته في نصره إياه. فلما رآهما عمر في يدي سراقة قال: “الحمد لله.. سوارا كسرى بن هرمز في يدي سراقة بن مالك”.
مرقد سلمان الفارسي عبر التاريخ
من أقدم الوثائق التي تحدثت عن مرقد سلمان الفارسي هو الخطيب البغدادي (٣٩٢- ٤٦٣ هـ / ١٠٠٢-١٠٧١ م) . ولد في غزية من مناطق الحجاز. وتوفي في مدينة درزيجان إحدى مدن المدائن جنوب بغداد.
وهو خطيب وفقيه ومؤرخ وأديب. وله مؤلفات عديدة في علوم الحديث ، ورجال علم الحديث ، وفي التاريخ ، وفي العقائد ، وفي أصول الفقه ، وفي الفقه ، وفي الأدب. وقام الخطيب البغدادي بزيارات للمدن القريبة من بغداد مثل جرجرايا ، وعكبرا ، وبعقوبا ، والأنبار ، والنهروان ودرزيجان.
كما رحل إلى الكوفة والبصرة ونيسابور شرقاً فزار حلوان وأسدآباد وهمدان وساوة والري ثم عاد إلى بغداد (عام ٤١٩ هـ / ١٠٢٨ م). وزار أصفهان والتقى بشيوخها وروى عنهم في (تاريخ بغداد).
استقر الخطيب ببغداد ما بين سنتي ( ٤٢٣ – ٤٤٠ هـ / ١٠٣٢- ١٠٤٩ م) . وفي عام ( ٤٤٠ هـ / ١٠٤٩م) دمشق ، وصور وحلب وطرابلس وبيت المقدس ، ثم عاد إلى بغداد عام ( ٤٦٢ هـ / ١٠٧٠ م) واستقر في حجرة بباب المراتب في درب السلسلة بجوار المدرسة النظامية.
يقول الخطيب عن سلمان الفارسي (وقبره الآن ظاهر معروف بقرب إيوان كسرى عليه بناء. ،هناك خادم مقيم لحفظ الموضع وعمارته والنظر في أمر مصالحه. وقد رأيت الموضع وزرته غير مرة. (١٧)
وذكر صاحب ( تذكرة الأولياء) الذي عاش في القرن السابع عشر في العهد العثماني فيقول: (ومرقده الشريف في الجانب الشرقي من بغداد على مسيرة خمسة فراسخ. وله قبة عالية وصحن محوّط بسور. في داخله حجر متعددة ، يُزار كل وقت ، رضي الله عنه وأرضاه ، وجعل الجنة مثواه) (١٨)
ويذكر العلامة مصطفى جواد أن في أواخر العهد العباسي كان (أهل المدائن فلاحين يزرعون ويحصدون. والغالب على أهلها التشيع على مذهب الامامية. وبالمدينة الشرقية قرب الإيوان قبر سلمان الفارسي رضي الله عنه ، وعليه مشهد يُزار إلى وقتنا هذا). (٢٠)
ويذكر محد حرز الدين زيارة قبر سلمان الفارسي فيقول: (يروى أن المستنصر بالله منصور الخليفة العباسي خرج يوماً من بغداد إلى زيارة قبر سلمان الفارسي رضوان الله عليه وكان بصحبته السيد عز الدين أبو محمد الشاعرالأقساسي الحسيني من نقباء الكوفة. وقد تحدثا في الطريق في فضل سلمان الفارسي). (٢١)
ويتحدث الرحالة الألماني كارستن نيبور (١٧٣٣- ١٨١٥ م) في رحلته إلى العراق وزيارته لبغداد والمدائن عام ١٧٦٦ م فيصف طاق كسرى وأبعاده ، ثم يقول (في هذه المدينة المتروكة عدد من قبور صحابة رسول الله (ص) ، ومن بينهم الشخصية المعروفة في التاريخ العربي وهي سلمان پاك. وكثيراً ما يُدعى سلمان الفارسي نسبة إلى موطنه الأصلي. والمسلمون الذين تحدثت معهم لا يعرفون بالضبط عما إذا كان سلمان الفارسي والياً على المدائن أو قاضياً عليها. ولكنه معروف لدى الناس أنه كان حلاق الرسول (ص). ولذلك فهو إمام الحلاقين المسلمين وحاميهم. ويذهب البغداديون في يوم معيّن من كل سنة إلى المدائن لزيارة قبره ، وتوزيع الصدقات والهدايا على القائمين بإدارة ضريحه. ويقوم الناس بهذه المناسبة بزيارة ضريح حذيفة بن اليمان وجابر بن عبد الله الانصاري القريبين من ضفة النهر). (٢١)
وزاره الرحالة محمد حرز الدين (١٢٧٣- ١٣٦٥ هـ / ١٨٥٧- ١٩٤٦ م) وقال عنه (مرقده في المدائن بالقرب من نهر دجلة وطاق كسرى الأثري في العراق. عامر مشيّد عليه قبة قديمة ، ورواق فخم ، سميك الدعائم ، يحوطه صحن للزائرين فيه الغرف، وحوله بعض البيوت، وتسميه الأتراك والأكراد وجمهور السواد في العهد العثماني (سلمان باك) بلفظ أعجمي ومعناه (سلمان الطاهر). (٢٢)
قصة نقل قبري حذيفة وجابر إلى مرقد سلمان الفارسي
عند مرقد سلمان الفارسيّ يوجد الى جنبه قبري الصحابيين حُذيفة بن اليَمان وعبد الله بن جابر الأنصاري رضي الله عنهم . وقد شهد عام 1932 نقل رفات جثماني الصحابيين الجليلين حذيفة والأنصاري من على ضفة نهر دجلة ودفنهما الى جوار سيدنا سلمان الفارسي ...فكيف حصل ذلك وما هي القصة؟
يروي سادن مرقد سلمان الفارسي أن والده كان ايضاً سادن القبر ، وقد رأى بمنامه في عام 1932 رؤيا ان حذيفة أتاه في المنام يشكو الغرق، وكان قبر الصحابيين الجليلين حذيفة والأنصاري على ضفة نهر دجلة. في الصباح أسرع لزيارة قبرهما فوجد أن مياه النهر باتت تأكل من جرف القبرين، وأنهما مُهدّدان بالانجراف مع النهر. فقام بإبلاغ مفتي الديار العراقية آنذاك، والذي قام بإبلاغ الأمير غازي بالأمر، وبعد قيام مهندس الأوقاف بالكشف على القبر أكد في تقريره أنه معرض لخطر التجريف، ونصح بضرورة نقلهما. وحين وصل الأمر لولي العهد غازي اصدر أمره الفوري بنقل الجثمانين من مكانهما الى جوار قبر سلمان الفارسي رضي الله عنه. تم إبلاغ المرجع الأعلى السيد أبو الحسن الأصفهاني فوافق على نقل رفاتي الصحابيين إلى مرقد سلمان الفارسي.
وتم النقل بحضور رسمي وموكب عسكري مهيب حضره الأمير غازي والسيد محمد الصدر رئيس مجلس الأمة ، والشيخ جعفر أبو التمن والشيخ محمد رضا الشبيبي وزير المعارف والسيد عبد المهدي المنتفجي ومفتي الديار العراقية وكبار العلماء وجمهور كبير من المواطنين. تم نقل الرفات من ضفة نهر دجلة إلى جوار قبر سلمان الفارسي.
وفي عام ١٩٤٦ جرى نقل قبر آخر إلى مرقد سلمان الفارسي ، عندما أرادت أمانة العاصمة توسعة شارع الرشيد ، وكان مرقد السيد طاهر بن الإمام الباقر (ع) يقع في منتصف الشارع ، في موقع ساحة الرصافي حالياً. ولذلك تم نقل رفاته من وسط بغداد ليدفن بجوار سلمان الفارسي.
حذيفة بن اليمان
حذيفة بن اليمان العبسي الغطفاني القيسي، صحابي جليل ولد في مكة وعاش في المدينة المنورة ومات سنة .٣٦ هجرية/ ٥٦٧ م في المدائن. وكان حذيفة يعرف بحافظ سر الرسول (ص)، حيث أن الرسول (ص) كان قد أسر له بأسماء كافة المنافقين المحيطين بهم ولم يفش بهذا السر لأي كان. وكان خليفة المسلمين عمر بن الخطاب عندما يريد أن يصلي على أحد أموات المسلمين يسأل عن حذيفة وهل هو من ضمن الحاضرين للصلاة وذلك خوفا منه بالصلاة على أحد المنافقين وكان عمر يسأل حذيفة: أفي عمالي منافق؟ قال: نعم ، قال: من؟ قال: لا أخبرك . وحصل ذات يوم جدال بين عمر وأحد العمال فطرده وبعد مرور الأيام عرف أنه هو المنافق.
شهد حذيفة أحدا وما بعدها من المشاهد مع الرسول. وشهد فتح العراق والشام، وشهد اليرموك ( 13 هـ / ٦٣٤ م) ، وبلاد الجزيرة عام ( 17هـ /٦٣٨ م) ونصيبين. وشهد فتوحات فارس. وفي معركة نهاوند حيث احتشد الفرس في مائة ألف مقاتل وخمسين ألفاً، اختار الخليفة عمر لقيادة الجيوش المسلمة (النعمان بن مقرن) ثم كتب إلى حذيفة أن يسير اليه على رأس جيش من الكوفة، وأرسل عمر للمقاتلين كتابه يقول: (إذا اجتمع المسلمون، فليكن كل أمير على جيشه، وليكن أمير الجيوش جميعا (النعمان بن مقرن)، فاذا استشهد النعمان فليأخذ الراية حذيفة، فاذا استشهد فجرير بن عبد الله) وهكذا استمر يختار قواد المعركة حتى سمى منهم سبعة. والتقى الجيشان ونشب قتال قوي، وسقط القائد النعمان شهيداً، وقبل أن تسقط الراية كان القائد الجديد حذيفة يرفعها عالياً وأوصى بألا يذاع نبأ استشهاد النعمان حتى تنجلي المعركة، ودعا (نعيم بن مقرن) فجعله مكان أخيه (النعمان) تكريماً له، ثم هجم على الفرس صائحاً: (الله أكبر: صدق وعده، الله أكبر: نصر جنده) ثم نادى المسلمين قائلاً: (يا أتباع محمد، ها هي ذي جنان الله تتهيأ لاستقبالكم، فلا تطيلوا عليها الانتظار) وانتهى القتال بهزيمة ساحقة للفرس. وكان فتح همدان والري والدينور على يده وشهد فتح الجزيرة.
تولى حذيفة إمارة المدائن من قبل الخليفة عثمان بن عفان. ولما قُتل عثمان أبقاّ علي (ع) على ولايته ، وكتب إليه عهده. وكتب كتاباً إلى أهل المدائن جاء فيه: (قد ولّيت أموركم حذيفة بن اليمان . وهو من أرتضي بهداه ، وأرجو صلاحه. وقد أمرته بالإحسان إلى محسنكم والشدة على مريبكم والرفق بجميعكم).
توفي حذيفة بعد أربعين يوماً من خلافة الإمام علي (ع) سنة ( ٣٦ هـ / ٥٦٧ م) . ولما دنت منه الوفاة أوصى ولديه صفوان وسعيداً بملازمة أمير المؤمنين علي (ع) واتّباعه. وقد نفّذا وصية أبيهما حيث توليا علياً (ع) وقُتلا بين يديه في معركة صفين. ودفن حذيفة في المدائن قرب نهر دجلة ، ثم تم نقل رفاته عام ١٩٣١ إلى جوار مرقد سلمان الفارسي.
عبد الله بن جابر الأنصاري
كان عبد الله بن جابر بن عمرو بن حرام صحابيًا أنصاريًا من بني غنم بن كعب بن سلمة أحد بطون قبيلة الخزرج، ولأبيه عبد الله بن عمرو بن حرام الذي قُتل في غزوة أحد أيضًا صُحبة، وأمه نسيبة وقيل أنيسة بنت عقبة بن عدي الأنصارية. اختُلف في كنيته فقيل أبو عبد الله، وقيل أبو عبد الرحمن، وقيل أبو محمد. أسلم جابر صغيرًا حين شهد بيعة العقبة الثانية مع أبيه.
ولما هاجر النبي محمد إلى يثرب، كان جابر من أنصار النبي (ص) الذين التفّوا حوله، إلا أنه لم يشهد غزوة بدر ولا غزوة أحد، حيث منعه أبوه من المشاركة فيهما لأجل أن يرعى أخواته التسع، ولكن بعدما قُتل أبوه في أُحد، لم يتخلّف جابر عن غزوة من غزوات النبي (ص) ، كما شهد بيعة الرضوان. وقد مرض جابر ذات مرة في زمن النبي محمد، فعاده النبي، واشتكى له أنه إن مات فسيورث كلالة، فنزلت آية الكلالة: ﴿يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ (النساء: ١٧٦)، لتوضح للمسلمين كيفية التوريث في تلك الحالة.
بعد وفاة الرسول (ص)، شارك جابر في الفتح الإسلامي للشام، وكان في جيش خالد بن الوليد الذي حاصر دمشق، وقال الكلبي أنه شهد وقعة صفين مع علي بن أبي طالب (ع) . ثم تفرّغ جابر للجلوس في المسجد النبوي يعلّم الناس، وكان من المكثرين في رواية الحديث النبوي، فكانت له حلقة في المسجد يلتفّ فيها الناس ليسمعوا من الحديث النبوي وليستفتونه، حيث كان مفتي المدينة في زمانه. كما كان لا يتورع أن يرتحل ليتأكد من صحة الأحاديث، فقد رُوي أنه رحل في آخر عمره إلى مكة ليتأكد من صحة أحاديث سمعها، كما رُوى أنه رحل إلى مصر ليسمع حديث القصاص من عبد الله بن أنيس.
ذكر صاحب (أعيان الشيعة) أن جابراً كان من المقاتلين تحت لواء الإمام علي (ع) ] وكان من الممتنعين في بادئ الأمر من مبايعة بسر بن أبي أرطاة حينما دخل المدينة. فقد روى الثقفي عمّن سمع جابر بن عبد الله يقول: (بعث معاوية بسر بن أبي أرطاة إلى المدينة ليبايع أهلها على راياتهم وقبائلهم فجاءته بنو سلمة فقال: أفيهم جابر؟ قالوا: لا ، قال: فليرجعوا فانّي لست مبايعهم حتّى يحضر جابر، قال: فأتاني قومي فقالوا: ننشدك الله لمّا انطلقت معنا فبايعت، فحقنت دمك ودماء قومك فان لم تفعل ذلك قتلت مقاتلينا وسبيت ذرّيّتنا، قال: فاستنظرتهم اللّيل فأتيت أمّ سلمة زوجة النّبيّ (ص) فأخبرتها الخبر، فقالت: يا بنيّ انطلق فبايع ، احقن دمك ودماء قومك فانّي قد أمرت ابن أخي أن يذهب فيبايع. وإنّي لأعلم أنّها بيعة ضلالة.
اضطربت الروايات حول زمان وفاة عبد الله جابر ، فقيل أنه مات (سنة 73 هـ / ٦٩٢ م)، وقيل سنة 74 هـ، وقيل سنة 78 هـ، وقيل سنة 77 هـ، وعمره 94 سنة، وقد عمي آخر عمره، وصلى عليه أبان بن عثمان بن عفان والي المدينة المنورة وقتها بقباء . وقيل أنه أوصى ألا يصلّي عليه الحجاج بن يوسف الثقفي إلا أن الأرجح أن وفاته كانت سنة 78 هـ، لما ذكره الذهبي عن أنه عاش بعد عبد الله بن عمر بن الخطاب بأعوام. وكان آخر أصحاب النبي محمد موتًا بالمدينة، وقيل آخرهم سهل بن سعد. كما أنه آخر من مات بالمدينة المنورة ممن شهد بيعة العقبة. وقد أخذ الحسن المثنى بعمودي سريره في جنازته. وإذا كان قد توفي في المدينة وقيل في مكة فلماذا يوجد قبره بالعراق في المدائن؟
وهو أوّل من زار قبر الإمام الحسين (ع)، وقد وافق وصوله إلى كربلاء مع مرور أربعين يوماً على مقتل الإمام الحسين (ع)، وكان جابر من المعمرين، حتى أدرك الإمام الباقر (ع)، فأبلغه سلام رسول الله.
المرقد الشريف
يعود تاريخ مرقد سلمان الفارسي إلى عدة عهود. فهو أحد المراقد التاريخية والأثرية ومن المعالم الدينية المهمة في العراق. يقع المرقد على بغداد ٣٠ كيلومترا. وخلال هذه العهود تأثرت عمارة المرقد بالتصاميم العباسية والعثمانية والبغدادية مع نقوش مغربية تعود لفترات متأخرة.
وقد تم تشييد ثلاث قباب لكل من جابر الانصاري وحذيفة بن اليمان وطاهر بن الباقر (ع)، إضافة إلى قبة مسجد الإمام الحسن العسكري (ع) الذي هو ضمن مزار سلمان الفارسي إلى عام ١٩٩٧. أما قبة مرقد سلمان فهي بقطر (٨ أمتار) وبارتفاع (١٧ متراً). أما المنارتان فهما بارتفاع (٢٣ متراً) وقطر (مترين). وقد تعرضت القباب إلى استهداف بالقذائف من قبل الجماعات الإرهابية عام ٢٠٠٦.
تبلغ مساحة باحة المرقد حوالي عشرة آلاف متر مربع ، على شكل مستطيل بطول (١٢٥ متراً) وعرض (٨٨ متراً). وتوجد أربع أبواب فرعية وثلاث أبواب رئيسة، الأولى من جهة بغداد وتسمى باب الأمام موسى الكاظم (ع) ، وباب باسم فاطمة الزهراء (ع) باتجاه نهر دجلة، وباب الامام علي (ع) باتجاه النجف الأشرف.
تشرف على المرقد دائرة المزارات الشيعية التابعة لديوان الوقف الشيعي. وقد شيد المسجد على مساحة من الأرض تبلع أربعة آلاف متر مربع قبل التوسع ليبلغ اليوم خمسين ألف متر مربع. كما توسع البناء فيه كثيراً. ويضم المرقد قاعة كبرى ودار ضيافة ومكاتب إدارية وخدمات.
زيارتي لمرقد سلمان الفارسي
في ٢٥ شباط ٢٠٢٣ قمت بزيارة مرقد سلمان الفارسي . وقد استقبلنا أمين المرقد السيد حسن الجبوري الذي رحب بنا ، ورافقنا في جولة في أرجاء المرقد والأضرحة والمسجد. كما قدم لنا شرحاً عن أعمال الإعمار والبناء والتوسعة التي يشهدها المرقد.
فقد أوضح أنه قد تم تجديد شباك الضريح عام ٢٠١٥ . وأن مؤسسة الكوثر المتخصصة بإعمال الأبنية التراثية والإسلامية تقوم بإعادة الإعمار وبتصاميم حديثة مع تحملها للنفقات. ويتم حالياً إنشاء أربعة صحون جديدة ، وإضافة أربع منارات وأربع قباب أخرى. كما يتم إنشاء مدرسة دينية ومركز علوم القرآن ومضيف للزوار ، ومكتبة حديثة ، وقاعة مناسبات ، ومتحف .
بعد اجتياز فناء الجامع الواسع تواجهك بوابة المرقد حيث يعلوها قوس مدبب مزين بالقاشاني الفيروزي اللون. وباب المرقد من الخشب ينفتح بمصراعين ، يعلوهما شباك مزخرف بنقوش أرابيسك مغلق بزجاج لغرض الانارة. كما توجد ثلاث مظلات حديدية ثلاثية مقوسة لتفادي المطر والشمس أن يصل للزوار الذين يقفون لقراءة زيارة مرقد سلمان الفارسي. وقد كتبت الزيارة بلوحة كبيرة على جانبي الباب وبخط أبيض على خلفية زرقاء داكنة.
يقع مرقد سلمان في ضريح منفرد ، الشباك كبير الحجم صنع من الفضة مع أقسام منه بالذهب. ومشبك فضي يظهر من خلاله اللون الأخضر الذي تعكسه الأنوار الخضراء وغطاء القبر الأخضر. وحول الشباك إزارة بلون أزرق كتبت عليها الآيات من سورة المائدة (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راجعون. ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون. ...).
وتعلو الأزارة تاج ذهبي تخرج منه إطارات ذهبية كتبت عليها أسماء الله الحسنى.
أما القبة التي تعلو مرقد سلمان الفارسي والجدران فهي ذات الطراز المغربي من النقوش والزخرفة التي أجاد فيها الفنان الذي عمل فيها. وتستند القبة على مجموعة من المقرنصات المزخرفة والتي تتسع تدريجياً نحو الأسفل. وقد تمت الأعمال عام ١٩٩٧ .
وباب الضريح من الذهب عليه زخارف نباتية بارزة . في المصراع الأيمن كتب (نصر من الله وفتح قريب) ، وعلى المصراع الأيسر كتب (إنا فتحنا لك فتحاً مبينا). وفوق الباب يوجد لوح أرضيته من المينا الزرقاء وكتب عليه بخط فارسي باللون الأبيض (وبعيوب إملائية):
(بسمه تعالى
قال رسول الله صل الله عليه وآله وسلم: سلمان منا أهل البيت (قدمحقق؟؟)
هذا ضريح المبارك جناب سلمان رحمت الله عليه بمضائي السيد
أصغر حسيني تهران ، تحت إشراف آيت الله عظما السيد محمد
باقر شيرازي دامت ظله ، تهران ١٤٣١ قمري ، أصفهان
سازنده أحمد عباس برورش طرف عليرضا دهقاني ، نجاري حيدر زادة)
(ترجمة : سازنده تعني صنع الفضة والذهب، و نجاري تعني نجارة)
وإلى جوار الضريح يوجد لوح كتبت عليه زيارة سلمان المحمدي (رض) جاء فيها:
السلام عليك يا صاحب رسول الله الأمين. السلام عليك يا ولي أمير المؤمنين. السلام عليك يا مودع أسرار القادة الميامين . السلام عليك يا بقية الله من البررة الماضين. السلام عليك يا أبا عبد الله ورحمة الله وبركاته.
أشهد أنك أطعت الله كما أمرك . واتبعت الرسول كما ندبك ، وتوليت خليفته كما ألزمك ، ودعوت إلى الاهتمام بذريته كما وقفك ، وعلمت الحق يقينا واعتمدته كما أمرك . أشهد أنك باب وصي المصطفى وطريق حجة الله المرتضى ، وأمين الله فيما استودعت من علوم الأصفياء. أشهد أنك صاحب العاشرة والبراهين والدلائل القاهرة ، وأقمت الصلاة وآتيت الزكاة ، وأمرت بالمعروف ونهيت عن المنكر ، وأديت الأمانة ، ونصحت لله ولرسوله ، وصبرت على الأذى في جنبه حتى أتاك اليقين.
لعن الله من أعنتك وحطّ من قدرك. لعن الله من آذاك في مواليك. لعن الله عدو آل محمد من الجن والإنس من الأولين والآخرين وضاعف عليهم العذاب الأليم.
صلى الله عليك يا أبا عبد الله . صلى الله يا صاحب رسول الله صلى عليه وآله وعليك يا مولى أمير المؤمنين وصلى الله على روحك الطيبة وجسدك الطاهر. وألحقنا بمنّه ورأفته إذا توفانا بك وبمحل السادة الميامين ، وجمعنا معهم بجوارهم في جنات النعيم.
صلى الله عليك يا أبا عبد الله وصلى الله على إخوانك الشيعة البررة من السلف الميامين ، وأدخل الروح والرضوان على الخلف من المؤمنين ، وألحقنا وإياهم بمن تولاه ومن العترة الطاهرين وعليك وعليهم السلام ورحمة الله وبركاته. (هدية من سعد كريم عجيل العاشقي)).
وعلى جانب عُلّق لوح يتحدث عن سيرة سلمان الفارسي جاء فيه:
( قال الامام علي (ع)
يا أبا ذر إن سلمان باب الله في الأرض. من عرفه كان مؤمناً ، ومن أنكره كان كافراً. وأن سلمان منا أهل البيت.
اسمه:
سلمان المحمدي بعد الإسلام . وأجمع المؤرخون على أن اسمه قبل الإسلام هو روزبه بن خشنودان ، من بلاد فارس من مدينة أصفهان في قرية تدعى (جي). كان من عائلة عريقة في بلاد فارس. وكان والده من كبار دهاقنة إيران أي رئيس قبيلة يتمتع بالسلطة والجاه.
كنيته:
أبو عبد الله ، وأبو البينات ، وأبو المرشد. وكان أمير المؤمنين يلقبه سلسل لأنه كان يمنح الحكمة ويؤتى البرهان.
ألقابه:
سلمان الخير ، سلمان باك ، سلمان الحبر (لأنه متبحر بالعلم) ، الطيب ، الطاهر ، لقمان الحكيم ، سابق الفرس ، وابن الإسلام المحمدي.
نسبه:
لعمرك ما الانسان إلا بدينه * فلا تترك التقوى اتكالاً على النسب
لقد رفع الإسلام سلمان فارس * وقد وضع الشرك الشريف أبا لهبا
ينتسب سلمان الفارسي إلى العجم بالولادة ، وإلى العرب والإسلام بالولاء والدين. وعندما سُئل إلى من تنتسب؟ فقال: أنا سلمان ابن الإسلام. كنت عبداً فأعتقني الله بمحمد (ص). ووضيعاً فرفعني الله بمحمد (ص). وفقيراً فأغناني الله بمحمد (ص). فهذا حسبي ونسبي.
زوجاته وأولاده:
تزوج سلمان من امرأة عربية من قبيلة كندة بعد الإسلام ، وتوفيت وهو أمير المدائن ، فعزّاه أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب (ع). ثم تزوج من امرأة أعجمية ، وعاشت بعد وفاته.
ونستفيد من مجموع الأقوال أن أولاد سلمان المحمدي (ع) ستة ، ثلاثة ذكور وثلاث إناث ، وابنه عبد الله متفق عليه وهو ابنه البكر.
عمره:
عاش سلمان المحمدي (ع) مائتان وخمسون سنة ، وقيل أكثر من ذلك بمائة عام. وتولى ولاية المدائن في عهد الخليفة الثاني وبمشورة أمير المؤمنين علي (ع). وتوفي (ع) في الثامن من صفر عام ( ٣٥ هـ / ٦٥٦م) في المدائن عندما حضر أمير المؤمنين لغسله وتكفينه ودفنه باستخدام جزء من علمه بالكتاب. وخطّ أمير المؤمنين (ع) على كفن سلمان المحمدي (ع) هذين البيتين:
وفدت على الكريم بغير زاد * من الحسنات والقلب السليم
وحمل الزاد أقبح كل شيء * إذا كان الوفود على الكريم
والجدير بالذكر أن النبي محمد (ص) قال: اللهم أطلق لسان سلمان ولو على بيتين من الشعر، فأنشأ سلمان:
مال لسان فأقول شعراً * أسأل ربي قوة ونصرا
على عدوي وعدو الطهرا * محمد المختار حاز الفخرا
حتى أنال في الجنان قصراً * مع كل حوراء تحاكي البدرا
أشهر ما قيل بحق سلمان من أبيات الشعر:
قيل لي: هل مدحت سلمان يوماً * قلت: مدحُ النبي يغنيه عنا
ما يفيد المديح من قال فيه * سيد المرسلين: سلمان منا
وقال شاعر آخر:
أيا سلمان يا من حاز فضلاً * وعمّ الناس إحسانا ومَنّا
ونال بخدمة المختار طه * وعترته الأكارم ما تمنى
لقد فقت الورى شرفاً وفخراً * بقول المصطفى سلمان منا
رحلة سلمان المصورة
وتوجد لوحة تمثل خارطة (رحلة سلمان الفارسي) التي تبدأ بأصفهان ، ثم الشام ، ثم دمشق ، ثم عمورية (تركيا) ، ثم نصيبين ، ثم الموصل (العراق) ، ثم القدس ، ثم وادي القرى في الحجاز ، ثم المدينة المنورة ، ثم انتهاء الرحلة في المدائن بالعراق. ووضعت أسماء المصادر التي استقيت منها المعلومات الخاصة بالرحلة.
ضريح الطاهر والأنصاري
وفي الجوار القريب يقع ضريح مزدوج يضم قبري كل من السيد طاهر بن الإمام الباقر (ع) والصحابي عبد الله بن جابر الانصاري، شباك الضريح مصنوع من الخشب ، بلا زخارف ، ويبدو ضريحاً متواضعاً.
أعلى الشباك يوجد لوحان خشبيان بشكل نصف دائرة، كتب على اللوح الأيمن زيارة السيد الطاهر بن الامام الباقر (عليه السلام) جاء فيها:
((السلام عليك أيها السيد الزكي الطاهر الولي والداعي الخفي. أشهد أنك قلت حقا ، ونطقت حقاً وصدقا. ودعوت إلى مولاي ومولاك علانية وسراً. فاز متبعك ونجا مصدقاً. وخاب وخسر مكذّبك والمتخلف عنك.
أشهد لي بهذه الشهادة لأكون من الفائزين بمعرفتك وطاعتك وتصديقك واتباعك. والسلام عليك يا سيدي وابن سيدي أنت باب الله المؤتى منه والمأخوذ عنه.
أتيتك زائرا وحاجاتي لك مستودعاً وها أنا ذا استودعك ديني وأمانتي وخواتيم عملي وجوامع أملي إلى منتهى أجلي والسلام عليك ورحمة الله وبركاته أيها الطاهر الزكي بن الإمام محمد الباقر عليه السلام).
وفي جانب من الجدار عُلّقت صورة قديمة بحجم كبير تعود لعام ١٩٣١ م تمثل مراسم نقل رفاة الصحابي حذيفة بن اليمان المتوفى (سنة ٣٦ هـ) والصحابي الجليل عبد الله بن جابر بن عبد الله الانصاري. وجاءت بعد موافقة المرجع الأعلى السيد أبو الحسن الأصفهاني، وبحضور رسمي وموكب عسكري.
ضريح حذيفة بن اليمان
وعلى مقربة من ضريح الطاهر والأنصاري يقع ضريح الصحابي الجليل حذيفة بن اليمان. شباك الضريح من الخشب ، والسقف مقوّس من الخشب أيضاً. على الجوانب مشبّكان من الخشب. وتعلو الشباك لوحة خطت عليها زيارة حذيفة بن اليمان يمكن للزوار قراءتها للتبرك والثواب.
تطوير المرقد
خلال زيارتنا لمرقد سلمان الفارسي أطلعنا أمين المرقد السيد حسن الجبوري على التصاميم والمخططات التي سيتم تنفيذها لتطوير المرقد وتقديم أفضل الخدمات للزوار الذين يتزايد عددهم حيث يتوافد زوار عراقيون وأجانب من الهند والباكستان وإيران ودول الخليج ، إضافة إلى من مصر وتونس.
الهوامش
١- حسن الأمين (أعيان الشيعة) ، ج ٧ ، ص ٢٨١
٢- الذهبي (سير أعلام النبلاء ) ، ج ١ ، ص ٥٠٥
٣- حسن الأمين ، ج ٧ ، ص ٢٨٤
٤- الذهبي ، مصدر سابق ، ج ١ ، ص ٥٤٢
٥- الذهبي ، ج ١ ، ص ٥٤٣
٦- محمد حرز الدين (مراقد المعارف) ، ج ١ ، ص ٣٢٠
٧- حسن الأمين ، مصدر سابق ، ص ٢٨٥
٨- ديوان الوقف الشيعي (دليل العتبات والمزارات والمشاهد الدينية في العراق) ، ص ٧٥ ، بغداد: ٢٠٠٦
٩- مرتضى نظمي زادة البغدادي (تذكرة الأولياء) ، ص ١٢٠
١٠- مصطفى جواد (دليل خارطة بغداد المفصل) ، ص ٢٢
١١- مصطفى جواد ، مصدر سابق ، ص ٢٤
١٢- مصطفى جواد ، مصدر سابق ، ص ٢٥
١٣- الخطيب البغدادي (تاريخ بغداد) ، ج ١ ، ص ١٣٩
١٤- الخطيب البغدادي ، مصدر سابق ، ج ١ ، ص ١٤٢
١٥- الخطيب البغدادي ، مصدر سابق ، ج ١ ، ص ١٤٢
١٦- الخطيب البغدادي ، مصدر سابق ، ج ١ ، ص ١٤٣
١٧- الخطيب البغدادي ، مصدر سابق ، ج ١ ، ص ١٧٥
١٨- مرتضى نظمي زادة (تذكرة الأولياء) ، ص ١٢٠
١٩- مصطفى جواد ، مصدر سابق ، ص ٢٧
٢٠- محمد حرز الدين (مراقد المعارف ) ، ج ١ ، ص ٣٢٠
٢١- سالم الالوسي (رحلة نيبور الكاملة إلى العراق) ، ص ٢٤٣ ، دار الوراق للنشر ، بغداد: ٢٠١٢
٢٢- محمد حرز الدين (مراقد المعارف) ، ج ١ ، ص ٣١٧
إرسال تعليق