عمار البغدادي
لن استطيع إخفاء شيء من القلق المشروع على الامن الوطني وسيادة البلاد بعد التحول الدراماتيكي السريع في سوريا بسقوط بشار الأسد واساس القلق المشروع ان العراق يتمتع باستقرار اجتماعي وامني وسياسي غير مسبوق يناهز شقيقاته العربيات وينافس تركيا وايران وذلك يعود الى الجهد الكبير الذي تبذله حكومة الرئيس محمد شياع السوداني بعد سنتين من العمل الدؤوب والإدارة الحسنة وبعد سنوات طويلة من الكسل الأمني والتفاوت السياسي والإدارة السيئة للسلطة !.
ولكي أكون واضحا مع نفسي ومن يقرا علي القول ان حدودنا القومية مع الاخرين امنة الى درجة يستطيع القائد العام للقوات المسلحة الرهان على جيشه والتعويل على حشده وشرطته الاتحادية وقدرته اجهزته الأمنية الأخرى اصطياد فئران الإرهاب التي تتقافز على الحدود ومن شاهد لقاء الرئيس السوداني على الفضائية العراقية يخرج بانطباع ان الدولة امنة وان التحولات التي تتحرك حولنا سبق وان مررنا باسوء منها وخرجنا منتصرين بارادات العراقيين وفتوى مرجعهم العظيم الامام السيستاني .
لكن ما ينبغي الالتفات اليه هو ان الإقليمي يحاول استثمار اللحظة السورية السائبة للتمدد والتوسع مستفيدا من السكوت الدولي على إسرائيل وهي تستثمر بالسكوت الدولي هذا لتنفيذ جرائمها وسياساتها العدوانية ضد الشعب الفلسطيني في غزة وسائر المدن الفلسطينية !.
هذا الإقليمي الذي يتحرك بخارطة من المساحات العراقية التي يعتقد تاريخيا انها جزء من خارطته الكبرى يظن ان العراق الذي يتعامل بهدوء وحكمة بالغة مع الملف الإقليمي والمخاوف المحتملة والإجراءات المتخذة على الحدود من جانبه ان العراق ضعيف او غير قادر على مواجهة تهديداته في هذه اللحظة التاريخية السائبة في السياسة الدولية لكن الميدان ومعطيات الأرض لاشي بما يمكن ان يشكل قاعدة للانطلاق الى توسيع امنه القومي على حساب الامن القومي العراقي ومن الممكن جدا ان تتحول الحدود القومية العراقية اذا ما تحرك ضدها او اخذته نشوة انتصاره في سوريا على التوسع والتمدد الى سواستبول الروسية في زمن الهتلرية النازية حيث تحولت تلك المدينة الروسية الى غضب ومارد من النيران وفوهات بنادق لاتهدأ.. وقد تحولت سواستبول عبر التاريخ الى درس في الاستبسال والشجاعة النادرة والدفاع عن تراب الأوطان .
الطريق الى الاستقرار الإقليمي لن يمر على دروب المغالبة والمواربة والتحايل والابتزاز واستثمار الفرصة التاريخية في دمشق بسقوط بشار الأسد انما بالسياسة والحوار والتفاهم على أساس المشتركات والمصالح الاقتصادية ومصير المنطقة بعد نهاية الحروب العبثية !.
لقد قدم الرئيس محمد شياع السوداني درسا في حماية المصالح الوطنية في خضم هذا البركان الثوري والعمليات المسلحة التي تنفذها الثورة الفلسطينية ضد جيش الدفاع الإسرائيلي والاشتباك العربي – الصهيوني على الحدود اللبنانية واليمنية والدعم اللامحدود الذي قدمته وتقدمه الولايات المتحدة لإسرائيل لكن الرئيس قالها في مجلس النواب اثناء حديثه في الجلسة التي دعا اليها الرئيس أعضاء المجلس انه لن ينساق وراء الشعارات الثورية والعواطف ويغامر بمصالح 45 مليون مواطن عراقي والا لو كانت المسالة مرتبطة بالثورة وتاريخ العلاقة بالثورة الفلسطينية والاحساس بشرعية الثورة الفلسطينية فلا احد يزايد على الرئيس الذي لم يات السلطة العراقية من خارج بيئة الثورة ونقاء العمل الوطني واسرة تنضح شهداء وقادة ومجاهدين !.
ان الرؤية التي يرتكز عليها خطاب الدولة برئاسة السوداني يقوم على أساس استنفاد اقصى الخيارات السياسية والدبلوماسية وتقديم كل العون والدعم للثورة الفلسطينية واللبنانية شريطة عدم اخذ المنطقة العربية والعراق الى المكان الذي تريده إسرائيل وهو إعادة الازمة الى المربع الأول وإدخال التنمية والمصالح الاقتصادية والاجتماعية في خرم الابرة !.
على المستوى السوري .. بذل العراق برئاسة السوداني جهدا مهما لتجنيب دمشق مٱسي وعذاب طويل وحربا شرسة لاتنتهي وقال السوداني منذ اليوم الأول الذي سمعت فيه طبول الحرب ان العراق مع حل سلمي عادل للازمة السورية وان الدم والقتل واستخدام القوة ليس السبيل الوحيد لاعادة حقوق الشعب السوري كما ان استمرار الازمة وفق سياقاته التي كانت عليها قبل سقوط بشار الأسد كفيل بتورم الازمة وانفجارها ووصول تاثيراتها المدمرة حدود السيادات القومية العربية !.
ان سعار الحرب التي بدات بسقوط بشار الأسد لن تنتهي بسيطرة هيئة تحرير الشام على مقاليد السلطة في سوريا ولن تتوقف عند تدمير إسرائيل كامل البنية السورية العسكرية من دبابات وطائرات واسلحة وصواريخ وسفن حربية متهالكة راسية على سواحل الأبيض المتوسط لانها تنطلق في رؤية التدمير من "حقها القومي" في الدفاع عن امنها وسيادتها وشعبها ومعركتها التي تخوضها ضد "الإرهاب الفلسطيني" !.
كما ان هذه الحرب لو استانفت دورتها الدموية على الحدود المتوقع اندلاع رصاصها فيها فان السياسة الدولية ستجد نفسها امام سوق مفتوح على شراء الأسلحة وستنتعش مبيعات شركات توريد السلاح من الولايات المتحدة الى المنطقة وهو ما ينسجم ويتوافق ويستهوي حتى رئاسة الولايات المتحدة الامريكية الحالية !.
الرئيس السوداني يراقب حركة الحرب لكنه قبل سقوط الأسد عمل بدبلوماسية نشطة وأداء رئاسي من الدرجة الأولى لتجنيب العراق ضربة عسكرية إسرائيلية حتمية تشمل 35 هدفا ستراتيجيا عراقيا مدنيا وصناعيا وامنيا واقتصاديا وقد تتوسع الضربة لتستهدف قادة فصائل مسلحة .
الرئيس بدبلوماسيته الهادئة ومنهجه السياسي العميق وعلاقاته العربية والإقليمية النوعية جنب العراق ثلاث ضربات جدية إسرائيلية وفوت الفرصة على الكيان وقادة الكنيست الإسرائيلية استهدافا شرسا ضد العراق!.
ان الاستعداد الأمني العسكري النوعي وتزويد الجيش وبقية صنوف القوات المسلحة العراقية بالسلاح التطور من مناشيء مختلفة واعداد العدة لكل ماهو طارئ وتشغيل الجهد الاستخباري وإبقاء العين مفتوحة على الحدود والأوضاع الداخلية المستقرة هو الكفيل بإقرار الأوضاع الأمنية والتأكد من سلامتها والاطمئنان على أداء القوات المسلحة وهي تذود عن البلاد وتراقب عن كثب حركة العدو مع ان العراق الذي تقوده اهم سياسة هادئة واقعية قادر على تجاوز الازمة والعبور الى جسور العافية.
لن نمس أحدا لايفكر بالعدوان علينا ولن نعتدي الا اذا تم الاعتداء علينا وما نحن فيه هو كيف نحافظ على الوحدة الوطنية ونحمي مصالحنا العراقية ونتواصل مع المحيط الإقليمي بما يحقق الاستقرار الدائم بعيدا عن الحروب واستغلال الفرص والتامر على الامن القومي العربي !.
ان كثرة الذئاب تحتم علينا الاستدلال الى اقرب الخطط واقلها خسارة في المنظور الوطني ولن نذهب الى الخسارات الباهضة لان ذلك يعطي لإسرائيل والاقليمي المبرر لكي يغرق العراق ومصالحه الوطنية كما غرقت الحركة الوطنية الفلسطينية في اتون حروب مدمرة لم يبق من التراب الفلسطيني الماهول غير التراب!.
من المؤكد ان الإقليمي يضغط الان على بغداد لتوسيع رقعة توسعه على حساب الامن القومي العراقي مستثمرا سقوط بشار وانتعاش نفوذ البعض بعد السقوط لكن الرئيس قادر على اخراج العراق من الازمة بهمة الجيش والحشد ووعي الشعب العراقي وعلاقاته الدولية الواسعة وطريقته في التعامل مع سياسات العدوان .
إرسال تعليق